تاريخ نادي القادسية

تعرف على ايقونة في تاريخ الكرة السعودية منذ بداياته المتواضعة وحتى تحوله إلى كيان احترافي يواكب رؤية المملكة 2030 وأحد الأعمد الرياضة في المنطقة الشرقية ، عبر مراحل زاخرة بالإنجازات والتحديات، عكست طموحه وإرادة جماهيره.

(1935-1966):

منذ عام 1935 وحتى ما قبل إعلان تأسيس نادي القادسية في العام 1967، شهدت مدينة الخبر فجر الحركة الرياضية.

 بدأت القصة بمبادرة شباب أرامكو الذين أسسوا “الفريق الأهلي”، ليُشعل شغفهم جذوة كرة القدم في المنطقة.

وبحلول عام 1943، تحول الفريق إلى “الهلال”، ثم ظهر عام 1946 منافسه “النهضة” الذي سرعان ما أصبح “الاتحاد”، ليُشعلا معًا تنافسًا محليًا ألهب حماس الجماهير. 

في تلك الفترة، تكاثرت الفرق الصغيرة كالشباب، الأهلي، النجاح، الشرار، والنهضة بمسماها الجديد، مما عزز الروح الرياضية في المدينة، ومع حلول الستينات، وبتوجيهات رسمية لتنظيم الحراك الرياضي، تم دمج هذه الفرق في كيانين رئيسيين: “الشعلة” التي ضمت الهلال، الاتحاد، والشباب، و”الوحدة” التي جمعت الأهلي، النهضة، والنجاح.

 هكذا، مهدت هذه المرحلة الانتقالية الطريق لولادة نادي القادسية، الذي كتب بعدها فصلاً جديدًا في تاريخ الرياضة السعودية.

(1967–1980): 

في عام 1967، شهدت مدينة الخبر ميلاد نادي القادسية، حيث اندمج ناديا “الشعلة” و”الوحدة” بقرار من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ليصبح الكيان الجديد رمزًا رياضيًا للمنطقة الشرقية.. تحت قيادة أول رئيس رسمي، علي البلوشي، ركز النادي على بناء قاعدة إدارية وفنية متينة، وضع من خلالها الأسس التنظيمية التي ستحمل النادي إلى آفاق النجاح.

اعتمد القادسية شعارًا أوليًا باللون الأحمر، مستلهمًا من هوية الناديين السابقين، مع تركيز واضح على اكتشاف المواهب المحلية وتكوين فرق تنافسية، مما ساهم في بناء قاعدة جماهيرية قوية في المنطقة الشرقية.

 في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات، شهد النادي تطورًا بارزًا بتحديث شعاره ليجمع بين الأحمر والأصفر، معبرًا عن طموحه المتجدد. 

وفي عام 1973، سطّر القادسية إنجازًا مبكرًا بحصوله على كأس الخطوط السعودية على ملعب يعقوب بالخبر، معلنًا عن بداية مسيرة حافلة بالإنجازات، ومؤكدًا مكانته كأحد أعمدة الكرة السعودية.

 (1981–1995): 

شهدت هذه الفترة تحول القادسية إلى قوة كروية لا يستهان بها، حيث عُرف بـ”فريق النجوم” بفضل لاعبين مميزين مثل سعود جاسم، أحمد البيشي، ومحمد الفرحان. وبقيادة الرئيس علي بادغيش، حقق النادي إنجازات تاريخية محليًا وقاريًا.

رسخة هوية النادي كـ”فارس الشرقية”، وبرز به عدد من الاعبين الذين قدموا إسهامات وطنية، مثل سعود جاسم، صاحب أول هدف سعودي في تصفيات كأس العالم.

في عام 1981، سطّر نادي القادسية اسمه بحروف من ذهب بحصوله على المركز الثالث في الدوري السعودي الممتاز، مؤكدًا حضوره القوي بين عمالقة الكرة السعودية. وفي خطوة رمزية عكست طموحه المتجدد، أضاف النادي في عام 1988 رمز السيف والجناحين إلى شعاره الأحمر والأصفر، ليجسّد قوته وتطلعاته العالية.

عام 1992 شهد لحظة فارقة في تاريخ النادي، حيث توّج القادسية بكأس ولي العهد، أول بطولة كبرى له، بعد مباراة مثيرة تغلب فيها على نادي الشباب. وفي العام التالي، 1993، واصل الفريق تألقه بالوصول إلى نهائي كأس الاتحاد السعودي، وحصل على المرتبة الثانية.

جاء عام 1994 ليحمل معه إنجازات استثنائية، حيث كتب القادسية التاريخ بحصوله على كأس الكؤوس الآسيوية، ليصبح أول نادٍ سعودي وعربي ينال هذا اللقب المرموق، بعد انتصارات مميزة على العربي القطري في نصف النهائي وجنوب الصين في النهائي. في نفس العام، أضاف النادي إلى خزائنه لقب كأس الاتحاد السعودي (كأس الأمير فيصل بن فهد) بعد فوزه على النصر، كما عزز مكانته إقليميًا بحلوله في المركز الثاني في البطولة العربية.

 (1996–2005):

تحت قيادة جاسم الياقوت، استعاد نادي القادسية زخمه وتألقه في فترة مميزة من تاريخه. 

في عام 1999، نجح الفريق في حصد لقب كأس الاتحاد السعودي للدرجة الأولى، وهو الإنجاز الذي مهّد الطريق لعودته المرتقبة إلى مصاف الأندية الكبرى.

 وفي العام 2000، أكمل القادسية مسيرته التصاعدية بالصعود إلى الدوري الممتاز بعد فوز حاسم على نادي الخليج، معلنًا عودته القوية إلى الساحة الكروية السعودية بطموح متجدد وعزيمة لا تلين.

يُعد نادي القادسية  بمثابة مصنع للنجوم، حيث قدم للدوري السعودي نخبة من اللاعبين المميزين، وشهد صفقات بيع كبرى أبرزها انتقال سعيد الودعاني، وسعود كريري، وياسر القحطاني إلى نادي الهلال، مما عزز مكانته كمنبع للمواهب الكروية.

وفي عام 2002، أضاف النادي إنجازًا جديدًا بحصوله على لقب دوري الدرجة الأولى، ليعود بقوة إلى الدوري الممتاز.

ومع حلول عام 2005، واصل القادسية تألقه بالوصول إلى نهائي كأس ولي العهد، رغم خسارته أمام الهلال، ليؤكد طموحه الدائم للمنافسة على الألقاب الكبرى.

 (2006–2021): 

في عام 2008، أثبت نادي القادسية جدارته بالوصول إلى نهائي كأس الملك، مؤكدًا حضوره القوي في المنافسات الكبرى. 

في 2011، اعتمد القادسية شعارين منفصلين للمؤسسة وفريق كرة القدم بتوجيه من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، معززًا هويته التنظيمية. وفي 2020، جدّد شعاره بتصميم عصري يبرز الدرع والسيف، متمسكًا بالطابع الشرقي للخبر، ليصبح رمزًا بارزًا في التسويق والمناسبات الرسمية.

واصل القادسية تألقه في موسم 2014-2015 بحصوله على لقب دوري الدرجة الأولى، ليعود بقوة إلى دوري المحترفين. كما كرر الإنجاز في موسم 2020-2021 بفوزه بلقب دوري الأمير محمد بن سلمان للدرجة الأولى، مؤكدًا عودته المظفرة إلى الدوري الممتاز. 

لم تقتصر الطموحات على كرة القدم، ففي عام 2021، توسع النادي في الألعاب الرياضية، بإدراج البلياردو والسنوكر، كأول نادٍ سعودي ينشئ فريقًا لهذه الرياضة.

(2022– حتى الآن): 

شهدت الفترة الأخيرة تحولًا جذريًا في مسيرة نادي القادسية، حيث أعادت استحواذ شركة أرامكو في يونيو 2023 النادي إلى جذوره التاريخية المرتبطة بموظفي الشركة، في خطوة مهدت لنهضة رياضية شاملة.

 وفي عام 2024، أطلق النادي هويته البصرية الحديثة “QAD”، التي عكست طموحه المتجدد وارتباطه العميق بمدينة الخبر وأهداف رؤية 2030.

في موسم 2024-2025، عاد القادسية إلى دوري روشن للمحترفين بقوة بعد فوزه بلقب دوري يلو للدرجة الأولى، محققًا إنجازات استثنائية. 

فقد احتل المركز الثالث في الدوري السعودي الممتاز حتى مارس 2025، وتأهل إلى نصف نهائي كأس الملك بأداء مميز، مسجلاً أعلى معدل “كلين شيت” بين الفرق. 

كما واصل تألقه بالتأهل إلى نهائي كأس الملك وبطولة كأس السوبر، مع منافسة قوية على وصافة الدوري وقرب التأهل إلى دوري أبطال آسيا. 

سطّر نادي القادسية إنجازًا تاريخيًا بالتغلب على النصر في مباراتي الذهاب والإياب لأول مرة منذ موسم 1976-1977. 

لم تقتصر إنجازات القادسية على كرة القدم الرجالية، ففي عام 2023، أطلق النادي الرياضة النسائية في ألعاب مثل كرة القدم، الكاراتيه، والجودو، في خطوة عززت شموليته ودوره المجتمعي.

 كما عزز النادي صفوفه في موسم 2024-2025 بضم نخبة من المدربين واللاعبين المحليين والأجانب، في استراتيجية طموحة جعلته منافسًا شرسًا في دوري روشن، مؤكدًا مكانته كأحد أعمدة الرياضة السعودية المعاصرة.

نادي القادسية ليس مجرد فريق كرة قدم، بل رمز رياضي ومجتمعي للمنطقة الشرقية. من بداياته المتواضعة عام 1967 إلى تحوله إلى كيان احترافي تحت مظلة أرامكو، استطاع النادي أن يصنع تاريخًا حافلاً بالإنجازات المحلية والقارية. 

مع هويته الجديدة ودعم جماهيره الوفية، يتطلع القادسية اليوم لاستعادة أمجاده الذهبية والمنافسة على الألقاب الكبرى، مواكبًا طموحات رؤية المملكة 2030.